الضمان والرهن العقاري

2021/06/09

التأثير المزدوج لانخفاض أسعار النفط وأزمة فيروس كورونا

اعتمدت المملكة العربية السعودية تدابير لمكافحة التأثير المزدوج لانخفاض أسعار النفط وأزمة فيروس كورونا. على عكس التدابير السابقة التي تم رفعها عندما تعافت أسعار النفط، من المرجح أن تبقى زيادة ضريبة القيمة المضافة (من 5% إلى 15%) في يوليو الماضي تراوح مكانها، وهو ما مثل تحدياً للأشخاص ذات الدخل المنخفض والشركات وخطط الإنعاش المحلية، ومنذ قيام المملكة العربية السعودية بتطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة في 1يناير 2018م، ومع ظهور جائحة كرونا العالمية وما ترتب عليها من آثار اقتصادية فقد أعلنت وزارة المالية في مايو الماضي عن رفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15 % لدعم مالية الدولة في مواجهة تداعيات الوباء المستجد على ميزانية البلاد كأحد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الرشيدة لحماية اقتصاد المملكة ومساعدته على تجاوز الأزمة وتداعياتها المالية والاقتصادية بأقل الأضرار الممكنة.

في تاريـخ 4 أكتوبـر 2020 م، صدر الأمر الملكي الكريم رقم ٨٤/أ (١٤/٢/١٤٤٢)، بإعفـاء جميـع التوريـدات العقاريـة التـي تتـم علـى سـبيل نقـل ملكيتـه أو حـق التصـرف بـه كمالـك مـن ضريبـة القيمـة المضافـة وذلـك وفقـا للتعديـلات التـي تـم إجراؤهـا علـى الفقـرة (1) مـن المـادة الثلاثيـن مـن اللائحـة التنفيذيـة لنظـام ضريبة القيمة المضافة، حيث تم إلغاء ضريبة القيمة المضافة على العقار بنسبة ١٥٪، وفرض ضريبة التصرفات العقارية بنسبة ٥٪ من قيمة العقار، والهدف من ذلك هو الحد من المضاربة وارتفاع أسعار العقار، وتشجيع المطورين العقاريين المرخص لهم على بناء وحدات سكنية جديدة، بإعفائهم من ضريبة القيمة المضافة على مواد البناء ومستلزمات البناء، ولتمكين المواطن من تملك وحدة سكنية خاصة به.

تأثرت القطاعات الاقتصادية بفرض ضريبة القيمة المضافة وزاد التأثير برفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15 % لا سيما القطاع العقاري نظراً لعظم قيمة التوريدات به، واختلط الأمر على المستثمرين في قطاع العقارات في أثر ضريبة القيمة المضافة على الدخل المتأتي نتيجة بيع أو تأجير العقارات التجارية أو السكنية أو أي عقارات أخرى وتقديم العقارات كضمان بالرهن، وهنا نكون بصدد إلقاء الضوء على تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الضمانات العقارية وذلك في الفترة من بداية يناير 2018م حتى 3 أكتوبر 2020م.

ما هو الضمان والرهن العقاري؟

يقوم المقترض بتقديم رهن أو رهن عقاري عند إبرام اتفاقية ائتمانية للحصول على قرض، ويقصد بالرهن/الرهن العقاري النقل المؤقت لحق أو فائدة في ممتلكات المقترض إلى المقرض كشكل من أشكال الضمان مقابل سداد القرض. وقد تكون هذه الممتلكات غير منقولة كالعقار أو ممتلكات منقولة.

آلية تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الرهن والضمانات

تفسيراً وعملاً بنظام ضريبة القيمة المضافة ولائحته التنفيذية، فقد توصل خبراء أندرسن السعودية إلى أن منح الضمانات المرتبطة بممتلكات المقترض (سواء المنقولة أو غير المنقولة) لا يشكل توريداً للسلع ولا يخضع لضريبة القيمة المضافة.

وقد اعتمد خبراء أندرسن السعودية على أنه في العديد من الحالات، لا يمنح الضمان أو الرهن للمقرض حق حيازة الأصل المنقول ملكيتها كما لا يكون له الحق في التصرف في الممتلكات (ما لم يتعثر المقترض في الوفاء بالتزاماته بموجب اتفاقية القرض). لذلك، لا تُشكل الضمانات توريداً للسلع على النحو المحدد بموجب المبادئ الأساسية لنظام ضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون.

حيث جاءت أحكام اللائحة التنفيذية لضريبة القيمة المضافة أيضاً مؤكدةً على أن أي نقل مؤقت للممتلكات في مثل هذه الحالات (أي كضمان) لا يعتبر توريداً للسلع في المملكة، كما ينطبق هذا التفسير أيضاً على الحالات التي يتم فيها نقل الملكية القانونية إلى المقرض، شريطة أن يكون نقل الملكية مؤقت وفقاً لاتفاق القرض ولا يمنح المقرض حق الحيازة أو حق التصرف.

عند إتمام عملية سداد القرض بالكامل بموجب اتفاقية الاقتراض، تنتهي كامل حقوق المقرض في الممتلكات بموجب الرهن. وبحسب الاتفاق بين الأطراف، قد يتم إنهاء الرهن تلقائياً بموجب الاتفاقية المبرمة بين الأطراف، أو في حال الضمان من خلال نقل الملكية قد يلزم نقل ملكية رسمي وموثق من المقرض إلى المقترض.

وفي كلتا الحالتين، لا يعد المقرض أنه يقوم بتوريد للممتلكات لأغراض ضريبة القيمة المضافة. لا ينشأ عن الإفراج عن ضمانات الرهن أي التزامات تتعلق بضريبة القيمة المضافة للمقرض أو المقترض.

في الحالات التي يتعثر فيها المقترض ويتخلف عن سداد التزاماته بموجب اتفاقية القرض (التعثر)، قد تسمح اتفاقية الاقتراض أن يحوز المقرض على الممتلكات محل الضمان، أو بيعها واستخدام العائدات لتغطية مبلغ القرض غير المدفوع.

وعندما يصبح للمقرض حق التصرف في ممتلكات المقترض في حال التعثر، لا يعد نقل الممتلكات من المقترض للمقرض كضمانات على أنه مؤقتاً.

وبذلك تُعد عملية نقل الملكية من المقترض بمثابة توريد سلع لأغراض ضريبة القيمة المضافة نتيجة للتعثر. وتعتمد المعالجة الضريبية للتوريد في مثل هذه الحالات على الظروف الخاصة بكل حالة.

وفي حال حيازة المقرض على الممتلكات المرهونة لاستخدامه الخاص، أو الاحتفاظ بها كأصل لغرض البيع اللاحق يكون هنالك توريد لسلع (وهي الممتلكات المرهونة) من المقترض إلى المقرض. في حال لم يكن المقترض خاضعاً للضريبة وكان يملكها بصفته الشخصية أو خارج سياق نشاطه الاقتصادي، فلن تنشأ التزامات ضريبية على التوريد الذي يقوم به المقترض.

ولكن في حال كان المقترض خاضعاً للضريبة (أو أصبح خاضعاً للضريبة كنتيجة للبيع)، فإن التوريد سيخضع لضريبة القيمة المضافة. ستشكل الممتلكات جزءاً من أصول المقرض، وعليه يكون المقرض ملزماً باحتساب ضريبة القيمة المضافة عن أي توريد لاحق يقوم به فيما يتعلق بهذه الممتلكات.

أما في حال قيام المقرض بترتيب بيع الممتلكات المرهونة لطرف ثالث، دون الاحتفاظ به كأصل خاص به فإن المقرض يقوم بترتيبات لتوريد سلع (وهي الممتلكات المرهونة) مباشرة ًمن المقترض إلى الطرف الثالث. فإذا لم يكن المقترض خاضعاً للضريبة وتم الاحتفاظ بالممتلكات من قبل المقترض بصفته الشخصية وخارج سياق نشاطه الاقتصادي، فلن تنشأ التزامات خاصة بضريبة القيمة المضافة على التوريد الذي يقوم به المقترض، ولا يكون هناك أي آثار ضريبية نتيجة التدابير الذي يتخذها المقرض لبيع ممتلكات المقترض المرهونة.

أما في حال كان المقترض شخصاً خاضعاً للضريبة (أو أصبح خاضعاً للضريبة كنتيجة للبيع)، فإن التوريد سيخضع لضريبة القيمة المضافة. وتكون قيمة هذا التوريد هي إجمالي المقابل النقدي وغير النقدي المستلم فيما يتعلق ببيع الممتلكات المرهونة. كما لا تؤثر أية خصومات من قيمة التوريد مخصصة للوفاء بمبالغ القرض غير المدفوعة أو لتغطية تكاليف البيع على قيمة توريد المقترض المتعثر.

كما يلتزم المقترض بإصدار فاتورة ضريبية عن التوريد والإقرار عن ضريبة القيمة المضافة المستحقة. في حال قيام المقرض بترتيب عملية البيع نتيجة لتعثر المقترض في السداد، فبإمكانه أيضا تقديم المساعدة في الامتثال لالتزامات ضريبة القيمة المضافة الخاصة بالمقترض المتعثر. كما ينصح خبراء أندرسن السعودية بضرورة الفهم الكامل لأحكام وآلية تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الرهن والضمانات حتى لا يتم تحميل الشركات وجهات التمويل بضريبة قيمة مضافة على تصرفات عقارية لا تعد توريدات خاضعة للضريبة.