تحليل لميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2023

حققت المملكة العربية السعودية فائضاً أعلى من المتوقع في ميزانيتها، بلغ 102 مليار ريال سعودي للعام 2022 في الوقت الذي كان من المرتقب ألا يتخطى 12 مليار ريال سعودي، سابقاً في موازنة العام. وفاق فائض 2022 الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وتخطى كل التوقعات مسجلا نموا بنسبة 8.5٪، حيث قدر معظم الاقتصاديين معدل النمو للعام بـ 7.5٪. بينما يمثل الفائض المحقق في 2022، نسبة 2.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

وفي ما يلي الأرقام الفعلية لعام 2022

العام 2022الرقم الفعلي بالريال السعودي
إجمالي الإيرادات1.234 تريليون
الإنفاق1.132 تريليون
الفائض102 مليار
الفائض كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي2.6%

ويعزى السبب وراء تحقيق الفائض في العام 2022 لارتفاع أسعار النفط خلال العام، حيث فاق متوسط الأسعار أكثر بكثير مما قدّره الاقتصاديون للموازنة. واستندت ميزانية المملكة للعام 2022 إلى أسعار النفط المرجحة بين 75 و 80 دولارًا للبرميل بينما سجل متوسط سعر برميل النفط أرقاما أعلى من ذلك بكثير.

وفي العام 2022، ارتفعت أسعار النفط على خلفية الأحداث الجيوسياسية مثل حرب روسيا وأوكرانيا والعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا والتي ضاعفت من الضغط على إمدادات النفط الخام وأدت لارتفاع الأسعار. وبلغ متوسط سعر النفط الخام في الحقيقة، حوالي 101.7 دولار للبرميل من بداية العام 2022 وحتى أكتوبر 2022 مقارنة بـ 69.5 دولارًا خلال الفترة نفسها من العام السابق.

كما شهدت المملكة على المستوى المحلي، انتعاشًا اقتصاديًا وتوسعًا مطردًا بعد الأزمة التي تسببت بها جائحة كورونا (كوفيد -19)، بالتوازي مع السياسات والمبادرات الحكومية الاقتصادية والمالية للرقابة التي ضاعفت من كفاءة وإنتاجية الأنشطة الاقتصادية للمملكة. وساهم كل ذلك بتحقيق فائض في موازنة 2022.

أما بالنسبة لميزانية 2023، تتوقع الحكومة السعودية بعض التباط في النمو وانخفاضا في الإيرادات بفعل عدم اليقين الاقتصادي العالمي والتوقعات بحدوث ركود اقتصادي عالمي. وتتوقع ميزانية المملكة 2023 سيناريو متحفظًا يقدر الإيرادات بـ 1.23 تريليون ريال سعودي وإنفاقًا قدره 1.13 تريليون ريال سعودي مع فائض متوقع بقيمة 16 مليار ريال سعودي يمثل 0.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

أما عن الأرقام المتوقعة لعام 2023 فعلى النحو التالي:

العام 2023القيمة بالريال السعودي
إجمالي الإيرادات1.130 تريليون
الإنفاق1.114 تريليون
الفائض16 مليار
الفائض كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي0.4%

ويعتبر الفائض المتوقع بمثابة نجاح باهر من قبل حكومة المملكة العربية السعودية، وهو يعكس الجهود المستمرة للحفاظ على الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي ستفيد اقتصاد المملكة في المستقبل. وعلى الرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي والضغط التضخمي الذي ترزح العديد من الاقتصادات تحت وطأته والأزمات الجيوسياسية في جميع أنحاء العالم، من المتوقع أن تحقق ميزانية السعودية للعام 2023 فائضًا بنسبة 0.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

وحسب ما أعلنته وزارة المالية، ستوجّه المملكة الفائض نحو تعزيز الاحتياطيات الحكومية ودعم الصناديق الوطنية ومساعدة البرامج والمشاريع الاستراتيجية ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية وسداد جزء من الدين العام.

وأشارت البيانات الصادرة إلى أن هدف موازنة 2023 هو الحفاظ على مستويات آمنة ومقبولة من الاحتياطيات الحكومية لتعزيز قدرات المملكة على مواجهة أي صدمات خارجية. وبالتالي، يهدف البنك المركزي السعودي (ساما) إلى زيادة الاحتياطيات إلى 399 مليار ريال بنهاية العام 2023.

كما أشارت الحكومة إلى أن الاقتراض المحلي والأجنبي سيستمران بضمان سداد أصل الدين المستحق في العام 2023 وفي المدى المتوسط، من أجل الاستفادة من الفرص الجديدة وفقًا لأوضاع السوق والتمكن من تمويل المشاريع الاستراتيجية المتعلقة برؤية المملكة 2030. لذلك، من المرتقب أن يصل الدين الوطني إلى 951 مليار ريال سعودي أو حوالي 24.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في العام 2023.

وكما ذكرنا آنفا، من المتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي للمملكة للعام 2023، 3.1٪ (نمو حقيقي)، وهو أقل بكثير من العام 2022 بنسبة 8.5٪. ويعزى هذا الانخفاض المرتقب إلى توقع تباطؤ الاقتصاد العالمي وسط ظلال التضخم العالمي التي تلوح في الأفق.

المؤشرات الاقتصادية للناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية هي كالتالي:

(المصدر الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية)

فِعلي 2021فِعلي 2022متوقع 2023متوقع 2024متوقع 2025
نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي3.2%8.5%3.1%5.7%4.5%
الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بالمليار ريال سعودي3.1253.9573.8693.9664.247
معدل التضخم3.1%2.6%2.1%2.1%2.0%

وختاما، تعتمد ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2023 بشكل تحفظي، بسبب عدم اليقين الاقتصادي والركود العالمي الذي يلوح في الأفق. ومع ذلك، تشير إلى توقعات اقتصادية إيجابية لعام 2023. وفي ظل النمو السريع المتوقع في القطاع غير النفطي واستقرار أسعار النفط في حدود 70 إلى 85 دولارًا للبرميل، ينبغي أن ينسحب ذلك على النمو المتوقع بنسبة 3.1٪ من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي. أما فيما يتعلق بالدين العام، يبقى دين المملكة أقل مقارنة بالكثير من الاقتصادات المتقدمة.

ومع استمرار تركيز الحكومة على الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والتنمية الاجتماعية ومشاريع البنية التحتية الكبرى، فإن الإنفاق المزمع أقل قليلاً من الإنفاق الفعلي لعام 2023، ولكنه يبقى أعلى من الإنفاق في الميزانية في العام 2022. ويعكس هذا الالتزام بزيادة الإنفاق، دعم حكومة المملكة لرؤية 2030.