الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية
في ظل السياسات الاقتصادية التي تنتهجها المملكة العربية السعودية، نلحظ تقدم وتيرة الاستثمار الأجنبي المباشر. ويعتبر هذا المجال محوراً مهماً ضمن الاستراتيجية العامة للبناء الاقتصادي المتمثلة في رؤية المملكة 2030، بناءً على التسهيلات والقوانين والتعديلات المرنة المتوافقة مع معايير رؤية المملكة، وقد حقق الاستثمار الأجنبي تقدماً ملموساً في السنوات الماضية وبات واضحا زيادة الاستثمارات الأجنبية والمكانة الائتمانية للمملكة العربية السعودية. في حين ذروة انهيار أسعار النفط منذ ما يقرب من أربع سنوات، حافظت البلاد على سمعتها الائتمانية، مقارنة بالدول الأخرى المنتجة للنفط. تتميز الساحة الاقتصادية الوطنية للاستثمار بشكل عام بمشاريع في جميع القطاعات بآفاق لا حدود لها. وظهر ذلك من خلال اهتمام هيئات الاستثمار الدولية بالوصول إلى السوق السعودي في السنوات الأخيرة.
أبدت القيادة في المملكة العربية السعودية اهتمامًا مباشرًا بالاستثمار الأجنبي، تجلى ذلك من خلال الزيارات المهمة التي قام بها الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى العديد من الدول الكبرى. وقد نتجت كل زيارة عن المزيد من الاستثمارات التي تدفقت إلى البلاد. وقد تجلى ذلك في حرص كبار أصحاب الأعمال والمستثمرين والمؤسسات الكبرى على إقامة علاقات ثنائية مباشرة مع كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية. ولا ننسى الأنشطة الدولية الواسعة التي حدثت في المملكة العربية السعودية والاستثمارات بشكل عام. كما جذبت هذه الأنشطة والأحداث أعدادًا كبيرة من الأطراف التي تعتزم أن يكون لها مصلحة في ورشة العمل الاقتصادية الاستراتيجية التي تقام في البلاد.
وعليه، لم يكن مفاجأ أن يصل حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية إلى 4.6 مليار دولار خلال عام 2019. وبحسب منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) بأنه تقدر زيادة هذا النوع من الاستثمارات ب 9 في المائة عن مستواه في عام 2018 في وقت انخفضت فيه الاستثمارات الأجنبية في بلدان أخرى. اللافت في النشاط الاستثماري للساحة السعودية هو الاستقطاب الذي شهده العام الماضي لا سيما في قطاعات لا علاقة لها بالنفط والغاز. هذه النقطة حاسمة في عملية التنمية الهامة التي تجري في البلاد لأنها تشكل حافزا لحركة تهدف إلى رفع مستوى مشاركة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
تنوع مصادر الدخل ليس محورا جديدا في السعودية. ومع ذلك، فقد شهدت تقدمًا كبيرًا في أعقاب رؤية السعودية 2030. نظرا لوجود أرضية متجددة لدعمها في جميع القطاعات بما في ذلك الشركات المحلية والأجنبية الموجودة على الساحة والتي تشهد أيضا تواجد متزايد في هذا المجال. على سبيل المثال، زاد حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة العربية السعودية العام الماضي في مجال التعدين بصفقة بلغت 2.2 مليار دولار، مما يعزز الخطوات نحو مزيد من التوسع في القطاعات الأخرى غير النفطية. من هنا نتوقع زيادة أخرى في حجم هذا النوع من الاستثمارات في المرحلة المقبلة، مع التوسع المستمر في المجالات الأخرى.
وتؤكد أرقام صادرة عن الأمم المتحدة أن مسيرة البناء الاقتصادي في السعودية تسير بخطى ثابتة ومتنوعة إلى الأمام. وستستمر حتى الأهداف التي تتحقق عليها "رؤية المملكة" في بناء اقتصاد وطني يليق بالمملكة العربية السعودية وقدراتها وسمعتها ومكانتها على الساحتين الإقليمية والعالمية.